تهدف هذه الدراسة تحليل كيفية معالجة الصحافة الرقمية الأردنية للأمراض النفسية في مرحلة ما بعد جائحة كورونا، في ظل تنامي الحاجة إلى تغطية إعلامية مهنية تعزز الوعي المجتمعي بالصحة النفسية. واعتمدت الدراسة منهج تحليل المضمون؛ باعتباره من المناهج الملائمة لفحص الرسائل الإعلامية، واستخلاص الأنماط الدلالية الكامنة في النصوص. وتم استخدام أداة استمارة وكشاف تحليل المضمون لتصنيف المواد الصحفية وفق عدد من المؤشرات المهنية والمضمونية. وشملت عينة الدراسة موقعي “الرأي” و”عمون” الإخباريين باعتبارهما من أبرز المنصات الإخبارية الرقمية في الأردن، وتم تحليل جميع المواد المنشورة المتعلقة بالصحة النفسية خلال عام 2021، باللجوء إلى الأسبوع الصناعي.
أظهرت نتائج الدراسة عدة مؤشرات بارزة، أهمها أولًا: ضعف حجم التغطية الصحفية للأمراض النفسية، حيث بلغ عدد المواد 71 على مدار العام، بمعدل يقل عن مادة واحدة أسبوعيًا، ما يعكس تدني أولوية هذه القضايا في الأجندة الإعلامية. وركزت المعالجة الصحفية على الاضطرابات الشائعة مثل القلق والاكتئاب، مقابل إغفال الاضطرابات الأكثر تعقيدًا كالذهان واضطراب ما بعد الصدمة، مما يشير إلى فجوة معرفية ومهنية في الطرح الإعلامي. بالإضافة إلى غياب التوظيف الفعّال للوسائط الرقمية التفاعلية، مثل الفيديو والإنفوجرافيك، واقتصار التغطية على الصور الثابتة، ما يُضعف من التأثير البصري والتوعوي للرسائل الإعلامية حول الصحة النفسية.
